والحمد الله وحده نحمده ونشكره ونستعين به ونستغفره ونعود بالله من شرور أنفسنا،
ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ،
وأشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بالإحسان
الى يوم الدين
--------------------------------------------------------------------------------
أمـا بعـد أحبتـي في الله ،
فالوداع كـلمة صعبـة ، ليس من ناحية النطـق أو المعنى ، بل من ما تحمله ما بيـن حـروفهـا
فغالبـا ما يؤدي الوداع الى فـراق أنـاس تحبـهم أو تعـزهم أو تكـرههم حتى !
الـوداع كـلمة تتكون من أربعة حـروف ، تؤدي الى شوق و حنـين الى المودع ،
تتـرك لنا في قلـوبنـا ذكـريات تحمل في طياتها الحـلو و المـر ،
الـوداع يأتـي في أصعـب اللحظات و بعـد جهـاد طـويل و مـرير تأتي لحظة يستسلم فيها المـرأ
للأمـر الواقع و يـدرك حينهـا أنه آن له أن يتنحى عن مـركزه في قلوب النـاس ليحتلها من هـو أفضـل و أغـلى
، تـاركا في القلـوب مشـاعر صادقـة و ذكـريات يعـرف عنهـا الجـود و الحسن ،
فالمـدخن عندما يفارق سيجارته يتألـم لذلك و يـدخل في جهـاد و حـروب داخليـة للابتعـاد عنهـا
بأي وسيلة أو طـريقة ،
و الأم عندمـا تفـارق إبنهـا تحـس بالضيـق و الوحش و الشوق للقائه مـرة أخـرى ،
الـراعي عندما يفارق قطـيعه يحـن إليه كمـا يحس بكـم من المسؤولية كبير قد أزيـل عن ظـهره ،
العـامل عندمـا يفارق عمله يشتـاق إليه و تضرب في ذاكـرته كل الذكريات الحسنة التي قضاها بـه ،
و التلمـيذ عندمـا يفـارق دراسته التي لطالما تهـرب منهـا يحس بالشـوق إليها و حنين كبير ،
لأنهـا كالبيـت الواحد تجمـع الكـل في مكـانة واحـدة حتى يتشاطـروا الآراء و المذكـ،ـرات ،
فمن الـوداع للمـاض ! يأتـي الحـاضر حاملا في طياته الجـديد الكـثير ،
و من تعـلق بـحـرفة مـاضية تأتي حـرفة و أعمـال و أفعال جـديدة يتعلق بهـا آدم مـرة أخـرى
لمداوات جـروح الأولـى ، دون أن ينسى ما أعطـاه الراحة و الترفيه و كل ما يحتاج إليه ،
الـوداع لا يـوجد في الواقع فقـط ! فالـوداع يتوفر حتى في العالم الافتراضي " الانتـرنت " ،
فالعضو عندمـا يودع المنتـديات يتـذكـر كل ما لقاه من معاملة حـسنة و مـدح على ما فعله ،
و المـشرف عندمـا يتـرك منتداه يعلم أنـه تركته بأيد أمـينة و أن لا خـوف عليه ،
و يخـرج مـدركـا أنه قـدم أفضل مـا لـديه ، تـاركا زمـلاء و أصدقاء من مختلف الـدول و الرتب ،
يتـذكرهم كـلما حن الى مـاضيه و نـجومه الحمـراء ، كمـا يتذكـر نجـومه الخـضراء و يحن إليها أكـثر
فأكـثر ، فيكـسر كـلمة الـوداع من قـاموسه يزيـلها ، و يعـوضها بكـلمـة :
...إلـى اللقـ،ـاء...